Friday, April 28, 2006

الوقت كالسيف


يقال “ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك "


طبعا هذا كلام مشهور، و لكن هناك في ما يتفكر فيه الإنسان ما اسميه اسمه البلاغة المنيرة.. فكلما تفكر الإنسان في الكلام البليغ اكتشف أشياء جديدة.. و هذه دعوة للتفكر هنا في كلمة " كالسيف "


سألت نفسي مسألة، لماذا كالسيف؟ لماذا لم يقل مثلا كالثعبان إن لم تقتله قتلك .. لماذا لم يقل كالسم مثلا .. أو أي شيء من شأنه أن يؤذي الإنسان.


أول شيء التفكر نفسه لا يكفي.. أرى أن الإنسان عليه أن يجرب بنفسه، يجرب بأن يتفرج على مباريات لعب السيف .. و إذا كان الموضوع يستلزم منه أن يمارس هذه الرياضة فليلعبها حتى يتعلم صفات السيف و حامله.


السيف هو آلة الحرب التي تتميز بقدمها فهي جزء من تاريخ الإنسانية .. استخدمه الإنسان منذ عهد الفراعنة و حتى أوائل العصر الحديث. فاصبح السيف ليس مجرد سلاح فقط و لكنه جزء من ثقافة شعوب و كل شعب له أسلوب في تصميم سيفه.


عندما قابل ريتشارد قلب الأسد نده السلطان صلاح الدين الأيوبي أول مرة قام ريتشارد باستعراض قوته بأن أحضر السيف و ضرب به شجرة عدة ضربات متتالية حتى قطعها .. فتبسم السلطان صلاح الدين الأيوبي و استل سيفه من غمده وغرسه على الأرض ثم خلع عن ظهره العباءة التي كانت تغطيه لكي يجلس .. و بينما هو يتجبه بجسده نحو المكان الذي سيجلس فيه رمى عبائته على الأرض .. و فوق المكان الذي انغرس فيه سيفه .. فبمجرد أن لمست القماشة السيف حتى انقطعت من شدة حدة السيف الخاص بالسلطان صلاح الدين.


هذه القصة ينقلها لنا الدكتور طارق المري نقلا عن كتاب تاريخ يدرسونه في إحدى مراحل التعليم في إنجلترا قد اطلع عليه أثناء وجوده في أوروبا.


العملية التي قطع بها الملك ريتشارد الشجرة تدل على قوته الجسدية .. بينما العملية التي انقطع بها القماش على سيف الناصر صلاح الدين تدل على تقدم المسلمين العلمي و تكنولوجيتهم المتطورة على مستوى العالم كله وقتها.

و كلما زاد العلم و زادت التكنولوجيا كلما خف حمل الأشياء .. و هذه كانت إحدى أسباب انتصار جيوش السلطان صلاح الدين و هي ان جيوشه لم تكن تحمل معدات ثقيلة في الحرب بينما كانت جيوش الصليبيين مددجة بأسلحة ثقيلة تعيق حركتهم.


السيف هنا يختلف من شخص لآخر في طبيعة صناعته .. فالشخص المتقدم علميا لديه سيف متطور يقوم بالقطع بمجهود بسيط جدا .. بينما الشخص الأقل تطورا فسيفه يحتاج إلى مجهود حتى مع تطوره.


نستنتج من هذا أن العلماء في تنظيمهم الوقت أقدر و أقوى من غيرهم .. و لذلك فمهم جدا على الشخص الذي يريد أن يكسب المعركة ضد وقته أن يتزود دائما بأحدث العلوم في كل شيء .. و أن يحاول الاطلاع و القراءة باستمرار فهذا فالعلم يتصل و يعطي الإنسان فوائد عديدة منها أنه دائما يعطي حلولا لنا كي نوفر وقتنا.


أيضا الرياضة .. فحامل السيف الضعيف الجسد لا قيمة له دون جسد قوي يسنده .. و ذراع يجيد حمل السيف .. و ليس ذراعا مفتول العضلات لا يستطيع الحركة .. بل ذراع قوي و عضلاته لينة تستطيع حمل السيف و التحرك به و السيطرة عليه .. و هذا الجسد يستمد قوته من الرياضة المستمرة .. و العذاء السليم .. و الغذاء السليم مهم لأنه ينفض الكسل .. و طبعا في مصر كما أرى كل الشباب يحب أن يملأ معدته بأنواع المحشي و الكوسة و السبانخ وما إلى هذا .. يا ليت هذا الشعب يتوقف عن ملء معدته صراحة و يهتم قليلا بممارسة العادات الصحية الصحيحة في الطعام. و بدلا من مشاهدة برامج إعداد طعام كالدارجة في التلفاز المصري مع احترامي .. يا ليتنا نشاهد برنامج كيمياء المطبخ chemistry kitchen على قناة discovery scienece


قد يقول قائل من المعلوم أن حامل السيف أو المقاتل بالسيف في كل الثقافات الصينية و العربية و الغربية كان لا بد أن يكون له جسد قوي مهما تطورت تكنولوجيا الصناعة للسيف، ولكن كيف تربط بي الجسد القوي و بين تنظيم الوقت؟


نقول أحد مشاكل تضيع الوقت الأساسية هي التسويف .. و التسويف يتأسس جزء كبير منه على الكسل، و الجسد الذي يأخذ كميات غذاء سليمة فلا يملأ المعدة ولا يتركها فارغة بل بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه هو جسد لا يكسل .. و الذي يزيد على هذا بلعب الرياضة فهو يقدم لنفسه فرصة الخلاص من ضغوط الأسبوع و يكون عنده شحنة زائدة من النشاط .. و كل هذا يندرج تحت صفات حامل السيف.


و حامل السيف ليس مجرد جسد قوي يمسك سيفا متطور الصناعة فقط .. بل هو عقل مفكر .. لأن حامل السيف عادة ما يقاتل محارب مثله و لا يسعه لينتصر إلا وجود ذكاء و فطنة .. و كر و فر .. و قدرة على اللماحية عالية .. و قدرة على دراسة الخصم و إحصاء خطواته .. و الصبر و الجلد حتى تنكشف ثغرة الخص فيطعتها و يقطعها.


الوقت خصم لك أيضا و أنت تملك سيف غير مرئي فإما أن تقطعه بأن تسيطر عليه تماما و إما أن يقطعك بأن يهرب منك – كما يهرب الخصم الفعلي من امامك بان يشغلك في جهة و فجأة تجده هجم عليك من جهة أخرى – فالوقت هكذا .. قد تستغل وقتك في أشياء تنسى معها تركيزك الاساسي على اغتنام الوقت و السيطرة عليك لتجد نفسك قد ضاع منك عدة سنوات ربما او عمر كامل .. فهو فعلا يقتل بلا مبالغة.


و الصبر مهم في مثل هذه الرياضة أو في القتال .. فيضرب المقاتل من اليمين مرة فيجد نده قد أغلق ثغرات منطقة اليمين فيحاول مرة أخرى من جهة اليسار فيجد نده قد أغلقها فيأت مرة من اليمين و مرة من اليسار حتى يشغل خصمه باليمين و اليسار كله ثم يضرب من المنتصف على حين غرة فينتصر .. و لو لم يضرب هذه الضربة لضرب هو على حين غرة فهذه هي بغتة الموت!

و لذلك على الإنسان أن يعلم أن الفشل لا وجود له .. عليه دائما أن يضع هدف لنفسه ثابت و يحاول ثم يحاول ثم يحاول مع الوقت حتى يتحقق الهدف.. و قد أشرت إلى هذه الفكرة في مقال سابق.


5 comments:

Unknown said...

متأكد إنه حديث،، وألا حكمة

إسراء الطويل said...

وصلت للتدوينة دي بمحض صدفة .
جزاك الله خيرا
لكن في حاجة مهمة
الوقت كالسيف ، دي مثل عربي
مش حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام .
نهارك منور
:)

rawana_bk said...

شوقش المقالة رائعة ما شا الله
لكن
الوقت كالسيف
مقولة مشهورة
وليست حديث

أحمد شوقش said...

أنا حررت النص في المدونة وفقا لارشادكما، شكرا لكما

marvota said...

رائع يا شوقش..وربطك للموضوع بالتكنولوجيا.. وحث الفرد علي التعلم الذاتي ليبني نفسه
إلي الأمامم :)