Sunday, May 14, 2006

جيل خمسة سادتة

ما بعد الحداثة

دخل المجتمـع المصري مرحلة ما بعد الحداثة منذ حوالي خمس سنوات، و ستلاحظ عزيزي القاريء لو أنك من الجيل الذي تخرج من الجامعات عام 2000 و هو ما يسيمه الدارجون " جيل خمسة ساتة " أو الجيل الذي جمع ما بين السنة الخامسة و السادسة الأبتدائية في سنة واحدة مع أولئك الأكبر منهم، أن هناك فرقا كبيرا في عمق الشخصية بين جيلك و بين الجيل الذي يصغرك بعام واحد وهو الجيل المتخرج من الجامعات عام 2001

جيل خمسة ساتة، أو جيل التجارب هو آخر جيل في مرحلة الحداثة

و بعد هذا أتى جيل ما بعد الحداثة.


و سأحاول بإيجاز شديد شرح فكرة هذا الجيل:

فلسفة جيل ما بعد الحداثة هي في الأساس فلسفة نقدية، تنظر إلى مرحلة الحداثة و هي المرحلة التي جاءت لتسيطر على العالم في خلال الثورة الصناعية، و كان شغلها الشاغل التحكم في في موارد الطبيعة و البشر عن طريق العلم و التكنولوجيا.

يعني المجتمع مع بعد الحداثي ينقد ما قبله، يرى مميزات الحداثة و يرى عيوبها، و يبدأ في التحرك نحو تطوير أحد الجانبين إما العيوب أو المميزات على حسب كل مجتمع.

تستطيع القول أن المجتمع الحداثي عندما انطلق كان يغاير جزره و هو مجتمع عصر النهضة الذي تميز بالروتين و الراديكالية و حكم الطبقة الارستقراطية، و النظام الشديد في تحديد طبقات المجتمع، فكان يغاير هذا في الفن و الأدب و العلم. الآن المجتمع ما بعد الحداثي جذره الذي يغايره هو الحداثة نفسها.


و كلمة ما بعد الحداثة لها وجود

في المجالات الإقتصادية، و السياسية، و الإجتماعية و الفنية. فهي شيء ممتد و له جذور كثيرة و يصعب على الدارس عادة الإلمام بكل جوانبه في المجال الواحد.


إنشاء الله نتكلم الآن عن العوامل التي تساهم في تكوين جيل ما بعد الحداثة أو جيل المعلومات، ثم ننتقل للأهم و هو صفات هذا الجيل.

العوامل التي ساهمت في تكوين جيل ما بعد الحداثة عموما:


1- العولمة:

العولمة يعني نجعل الشيء عالمي الانتشار، و هي تختلف عن جعل الشيء مشهور على مستوى العالم

There is a different between globalization and internationalization


العولمة globalization

التدويل أو جعل الشيء دوليا internalization


العولمة تعتمد في تكوينها على أسباب اقتصادية و سياسية، و لذلك فهي مضمون له عيوبه و مزاياه، و المقصود منه وجود تعارف كبير بين الشعوب و إزالة حدود معينة بين الدول، و فتح المجتمعات و الغرض من كل هذا هو ترويج التبادل الإقتصادي كغرض أول لإنعاش الاقتصاد العالمي، و أغراض أخرى سياسية مثل فرض مباديء الدول الأقوى على مباديء دول كانت منعزلة من قبل على سبيل المثال لا الحصر. مثلا اليهود عرفوا العالم أنهم هم الذي كسبوا عرب 73 ليس عن طريق الأدلة التاريخية الصحيحة، فهي كلها مردودة طبعا، و لكن عن طريق هيمنة اقتصادية و ترويج إعلامي بين دول مفتوحة على بعضها، هذا على سبيل المثال لا الحصر.

و تحاول العولمة إيجاد شيئين، فكرة القرية العالمية أو جعل العالم كله قرية صغيرة يعرف الناس بعضهم بعضا.

الثانية تجميع قوى الشركات العالمية و فرض هيمنة الشركات متعددة الجنسيات على القوانين المختلفة فما يمكن أن تفعله كوكاكولا في أمريكا يجب أن يكون ممكنا في كل البلاد التي تملك شركات متعددة الجنسيات اسمها كوكاكولا حتى لو بعض هذه الدول قانونها لا يسمح بهذا.


العامل الثاني:

ثورة المعلومات:

و هي أحد الأشياء التي قد تكون جزءا من العولمة باعتبارها أحد أدواتها، أو شيء مكمل للعولمة من جهة أخرى، و لكن ما يعنينا هنا من ثورة المعلومات هو أنها أصابت جيل الحداثة بالدهشة، و جعلته ينظر لها نظرة الشك أحيانا و التنبؤ بمصيرها أحيانا و الإيمان بها أحيانا أخرى، عكس جيل ما بعد الحداثة فهذا الجيل يعتبر المعلومات الكثيرة التي تنهمر على رأسه جزء من ثقافته و بنيته، فالإنترنت و القنوات التلفزيونية، و الموبايل و كل هذا يقدم معلومات بصرية و سمعية يقوم المخ بالاحتفاظ بها، و لا يعمل الإنسان ماذا يعمل بكل هذه المعلومات. و بذلك تكون الثروات الأساسية في هذا الجيل هو المعلومات، و الوقت.. و الوقت أهم من المعلومات في هذا. فإذا اعتبرنا أن المعلومات كالبترول أي ذهب أسود، فالوقت هو ذهب خالص.


العامل الثالث:

التهديد المستمر منذ اللحظة الأولى من نشوء هذا المجتمع بانتهاءه، فعن قريب سينفذ البترول، و تنتهي منابع الطاقة و تجف.. و إما أن يجد هذا العصر بديلا للطاقة و إما ستقف السيارات و العربات و البواخر و نرجع لمرحلة الماكينات البخارية، و تبدأ المجتمعات في الانعزال مرة أخرى فتنتهي العولمة، و تبدأ التكنولوجيا و هي أداة ثورة المعلومات في الإنتهاء من شكلها الحالي لشكل أقل تطورا.



صفات جيل ما بعد الحداثة في مصر:

أغلب شباب جيل ما بعد الحداثة لا ينام مبكرا، و مشتت ( بسبب أنه نشأ على كمية أشياء و معلومات لا بد أن يعرفها و يعمل بها )، و عادة لا يستطيع تنظيم حياته .. مصاب بأمراض نفسيه كثيرة أشهرها الإكتئاب.. يبتكر مرادفات جديدة في اللغة بسرعة.. فكل بضعة أيام نسمع كلمة جديدة تنزل في لغتنا.

كتاب هذا الجيل و المثقفون غير منتجين، لأنهم رأوا أن تدفق المعلومات الهائل يجعلهم غير قادرين على الإضافة.

فن ما بعد الحداثة هو أبلغ فن يعبر عن هذا المجتمع فهو يهتم بالملامس و الأشكال دون الإهتمام بالجوهر.. أو وجود فنون لخدمة عالم العولمة و أدوات المعلومات مثل فنون ال

concept art, pop art, performance art, graffiti

و غالب الأمر أن هذا الفن لا يتبع مدرسة معينة، و لكنه متحرر و يضع كل فنان قواعده الخاصة به.



مجتمع ما بعد الحداثة في مصر هو مجتمع مستهلك للتكنولوجيا و غير منتج لها..

و مع أن الغرب يحاول في ما بعد حداثته إنهاء المعتقدات و القضاء على فكرة الدين تماما فلا زال هناك تمسك كبير في مصر بهذا، مع ظهور شكل جديد للداعية الإسلامي مختص بهذا الجيل مثل الأستاذ عمرو خالد مثلا.

مجتمع ما بعد الحداثة فاقد للحدود بينه و بين غيره فالفرد يكلم أبوه كما كأنه يكلم أخوه الصغير، و مع هذا فهو فاقد للمساواة فكل شخص يريد أن يرى نفسه الأفضل في هذا السباق.

العلاقات الإجتماعية كبيرة و لكنها كلها مزعزعة و مائعة و تميل للاستغلال، و ذلك لترسخ واقع الانتماء الفردي.. فكل فرد ينتمي لنفسه و يغلق على نفسه خوفا من الانفتاح الذي يحدث و لأنه لا يستطيع أن يتعايش كجزء من الواقع إلا لو كان له صورة معينة خاصة به تجعله يفرض نفسه على مساحة ما.. هذه النقطة من الانتماء الفردي بالاضافة لما ذكرته حالا من فقد الحدود أو المقامات أو النسب العمرية .. يوضح لنا أن مجتمع ما بعد الحداثة يشهد إنهايارا واضحا في البنية الأسرية فلا تحترم الزوجة زوجها و يحاول الزوج دائما أخذ قراره على حساب زوجته و العكس. بينما الأطفال يكونون دائما قادمين من بيئة ممزقة إجتماعيا فيهربون إلى المعلومات.

و بناء على هذا التفكك الإجتماعي فيوجد تفكك في بنية علاقة صاحب العمل بمرؤسه، و المعلم بتلميذه، و الأب بابنه. و يعاني أهل ما بعد الحداثة من الألم و الرغبة في الإدانة فيبحثون لذلك عن السلطة في أي شيء لكي يدينوا أي شيء.

نضيف على هذا أن مجتمع ما بعد الحداثة تسيطر عليه النخبة، و هناك فرض لهيمنة التغريب على مجتمع العالم الثالث.

و كما نصح الاجتماعي الأمريكي دانيال بل بالنظر لهذا المجتمع على اساس انه مجتمع اساسه التفكك و الانحلال و ليس الوحدة و التامسك التي يحاول ان يقوم بها انتهى

6 comments:

Tamer Nabil Moussa said...

مقال شيق ومفيد


وانا من الجيل اللى كان فية خمسة وستة وكنت انا مخلص ستةودخلت سنة ستة حتى جاء قرار ضم خكسة وستة واصبحت سنة خمسة معنا يعنى دفعتين فى وقت واحد فضلنا مع بعض الى التخرج من الجامعة

دفعة كانت كبيرة العدد انا الى الان لااعرف سبب ضم السنتين ولااجد لها اى مميزات بالعكس العيوب كان واضحة مثل الشمس وتم الالغاء قمة التخبط فى اقرارات وكاننا حقل تجارب لااحد يبحث عن المفيد او الصالح بل على المصلحة الخاصة

أحمد شوقش said...

أهلا بيك يا استاذ تامر

بس هيه فعلا كانت دفعة اخر الرجال المحترمين كما قال الكثيرون

Tamer Nabil Moussa said...

ازيك استاز احمد

انت فين

انتظر جديدك

أحمد شوقش said...

أهلا يا أستاذ تامر

أنا لسه بجهز الموضوع اللي حكتبه للمرة الجاية إن شاء الله
مش عارف حكتب عن بيكاسو - و بالتالي عن أهمية الفن، ولا عن كتاب كده لتوني روبنز

Tamer Nabil Moussa said...

استاز احمد.

ازيك اخبارك اية

اختار منهم موضوع واكتب فية واعرضة بالمدونة ثم اختار موضوع اخر وجهز فية ثم اعرضة فيما بعد

لاتتاخر علينا

أحمد شوقش said...

حاضر إن شاء الله