Wednesday, October 21, 2009

مفاجأة: فيلم يتكلم عن 8 ظباط شرطة مصريين و لكنه انتاج إسرائيلي

أهلا بيكم ..


في وسط مجتمع شرق أوسطي كبير عانى من مشكلة الصراع الإسرائيلي العربي، و ترك آثاره النفسية على الأجيال الموجودة الآن كما سيترك على أولادهم .. و بسبب أكثر من 60 عاما من الصراع خاصة بين مصر و إسرائيل، و التي أدت بتلخيص شديد إلى أن الشخصية اليهودية التي كانت قبل بناء إسرائيل و قبل نشوء فكرة إسرائيل من الأساس .. معروفة بالنزاهة التجارية، و معروفة أنها موجودة في المجتمع المصري كجزء من ثقافته، أصبحت بعد ما يوازي نصف القرن كلمة اليهودي هي المرادف للعدو الأول لمصر بسبب مشروع دولة إسرائيل.


و في هذه الفترة الثقافية من حياة مصر بدأ يتردد اسم فاروق حسني وزير الثقافة، و الذي كان معروفا فقط للمجوعات المهمتمة بالفنون التشكيلية و دور الأوبرا و ترميم الآثار و شريحة كبيرة من الكتاب الغير تجاريين و أيضا من اسميهم أصحاب المشروعات الصغيرة في الكتابة.. بدأ هذا الاسم في العامين الأخيرين يتردد في ساحة الحوار المصرية بالكامل، فقد رصد دكتور الأسنان الخاص بي ظاهرة لهذا الرجل و هو أنه لا يتكلم أبدا في التلفاز إلا و تقوم المظاهرات في البلاد ثاني يوم.


و كان لآراء الأستاذ فاروق حسني وقع الصدمة للمجتمع المصري في كثير من الحالات، و منهن قراره بتشغيل موسيقي محترف إسرائيلي في دار الأوبرا المصرية. مع العلم أن دار الأوبرا المصرية تستقبل فنانين من ثقافات مختلفة و خلفيات مختلفة و منهم عدد غير قليل من العلمانيين .. و خاصة في مجال الفنون التشكيلية، و العلمانيين في عمق الثقافة المصرية الأصيلة هم أخطر على مصر من أي عدو ذا دين.


هذا القرار قلب الدنيا و كان حديث الرأي العام المصري لفترة ما قبل أن يأتي لنا فاروق حسني فيما بعد بقصة اليونسكو، و أظن أغلب القراء يعرفون هذه الفترة جيدا لأنها كانت أيضا حديث الشارع العربي. حسن، هذا هو الجانب المصري، هل عندنا اليوم قصة – لا نقول مشابهة – و لكن يمكن أن ننظر إليها قام بها الجانب الإسرائيلي اتجاه الثقافة المصرية؟ ماذا لو قصصت لك الآن عن فيلم كان مرشحا لجائزة الأوسكار عن المصريين من انتاج و تمثيل إسرائليين!!


( حكي ) أن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي قال يوما في درسه أن إسرائيل عندما احتلت سيناء فقد كان هو الوحيد الذي ذهب و صلى ركعتين شكر لله. فتعجب الناس من قوله فقال لهم، لأنه لو لم تحتلها إسرائيل لاحتلها الاتحاد السوفيتي في هذا الوقت، و لأن يكون عدونا عنده دين خير ألف مرة من عدو لا دين له. فيما معنى ما قال. و أذكر أنه ذكر مساويء الشيوعية أيضا.






و في ذلك اليوم منذ عام كلمتني سيدة أمريكية صديقة عن فيلم زيارة البند، و هو الجانب الآخر من الحوار، و الذي يقدم لأمريكا صورة مشرفة - و لا أقول أنها مشرفة من وجهة نظري أنا و لكن هذا هو الانطباع الذي أخذته السيدة الأمريكية - عن الثقافة المصرية من خلال مجموعة من عازفي أوركسيترا الشرطة بالأسكندرية .. يا سلام الشرطة في الأسكندرية عندها فريق من العازفين، يعني شرطة مصر مثقفة و على مستوى ثقافي عالي جدا، هذا الكلام لا نراه إلا في دول متحضرة و على مستوى لا يسع القلم هنا ذكره – و المهم أن هذا القريق مكون من ثمان أشخاص، تم طلبهم من خلال مركز بتاح تكفا للثقافة العربية، و لكن بسبب صعوبة في الاتصالات يأخذ هذا البند أو الفريق الموسيقي راحلة إلى بلدة – من صنع خيال المؤلف – اسمها بيت حاتيكفا أو Bet Hatikva في صحراء النجف حيث لا يوجد مواصلات في هذه الليلة لتقلهم إلى المدينة التي يجب أن يذهبوا إليها أصلا.. و حيث لا يوجد أي فنادق أيضا! .. و قد قرروا أن يتعشوا في مطعم تملكه امرأة حسناء اسمها دينا ( مش عارف ليه الاسم دا دايما بيجي من وراه مصايب ) التي تشفق على حالهم و تدعوهم ليكملوا الليلة في شقتها و شقق بعض الأصدقاء و تبدأ أحداث الفيلم المثيرة كلها في الليل.


راي براندت يقول أن هذا الفيلم هو ثاني أحسن فيلم تم انتاجه في 2007 و نيو يورك بوست تعتبره ثامن أحسن فيلم في 2007 .. رشح لجائزة الأوسكار و رفضته اللجنة لأن 50% من الفيلم لم يحتوي اللغة الإنجليزية.


و أهم شيء في هذا الفيلم أن الإسرائيليين لم يعرضوا المصريين بشكل سيء بل كان المخرج إيرن كوليرين الإسرائيلي يحاول أن يعرض صورة المصري و الإسرائيلي على أنهما أشخاص عادية جدا لهم ما يحبطهم و ما يحبونه و يمكن أن يتعايشوا بشكل أو بآخر.. و الأغرب من ذلك أن الطبيعي للميديا الإسرائيلي أنها تنقص من قدر العرب عموما و المصريين على وجه الخصوص، يعني العرب الآن يسفهون في مصر ليل نهار في الميديا فما بالك بإسرائيل، و مع ذلك تقدم إسرائيل هذه الصورة عن المصريين لأمريكا، أمريكا التي فيها المواطن العادي يظن أن مصر هي صحراء و جمال .. و لا أنسى أبدا أن أمريكية قالت لي يوما يا ترى هل عندكم في مصر الحيوانات الأليفة عبارة عن جمال أو إبل؟

أو مصر العرب و المسلمين الذين يعتبروا القضية الشائكة في أمريكا في هذه المرحلة في سنة 2007 يا سيدي، حين لم يكن هناك أوباما و لم يكن هناك خطاب أوباما .. تتقدم لهم إسرائيل بصورة ثمان شباب يحتلون بطولة فيلم، على أنهم مثقفون يعزفون الموسيقى ليس و يرتدون ثيابا و ليس جلبابا و يركبون سيارات و هم قوم يعيشون حياة مودرن .. و فيهم الوسيم و فيهم الشخص العادي و يجل صديقة أمريكية مبهورة بهم.. لماذا؟


هناك سر. هل يا ترى إسرائيل مثلا تحاول أن تقدم صورة العدو الأهم لها طيلة حياتها و لا ننسى أن تقريبا الدولة الوحيدة التي حاربت إسرائيل خلال ستين عاما بجيش نظامي كانت مصر .. و شاركها في ذلك سوريا و الأردن أحيانا تحت رعايتها و اقتداء بها. هل هي محاولة من إسرائيل لتوضيح حجم عدوها الأكبر للغرب؟ لتوضيح أن إسرائيل كانت تحارب مجتمع متمدن طيلة ستين عاما و ليس مجموعة بدو في صحراء بجوار الأهرامات و الذي سيعتبر ربحا ثقافيا لهم من الجانب الآخر؟ و إذا كان ذلك كذلك .. فلماذا لم تعمل مصر أفلاما تصل إلى هوليوود .. أرجوك دعك من نظريات المؤامرة و حوارات اليهود يحتلون الميديا فكما نرى في هذا المقال أنه لا يوجد يهودي واحد سيمنعك من أن تقدم صورة بلدك في أمريكا لأنهم الآن هم من يقدمونك، و لا تنس عمر الشريف في هوليوود .. و السؤال الآخر الذي أسأله عليك: هل سيكون هذا الفيلم الوحيد أم أن الإسرائيليين سينتجون أفلاما أخرى في المستقبل؟ هما سؤالان أطرحهما على المجتمع المصري و آمل أن ينشغل بهما قليلا إن وجد وقتا لينشغل أيضا بالإسرائيلية التي فازت بجائزة نوبل و نحن لا زلنا نناقش النقاب و الحجاب مع إيماني بالمناسبة أن الحجاب فرض و النقاب فضيلة.

طابت أوقاتكم

No comments: