يشتري الشخص العادي منا الكثير من الأشياء … نحن نقوم بالبحث في جيوبنا، و إخراج ورقة مطبوعة تسمى النقود.. و على أساس شكل الطباعة فتستطيع أن تشتري طعاما، أو حذاء أو حتى سيارة!
دعنا نعيد التفكير في هذا الشيء الأساسي مرة أخرى، الأمر حين نجرده سنجد أننا نستبدل ورقا بأشياء فعلية.. إنها مجرد ورقة و عليها طباعة ..
فهل سألت نفسك من أين جائت هذه الورقة؟ نعم كلنا يفهم أن مطبعة البنك المركزي قامت بطباعتها، و لكن هناك ثلاث أسئلة أظن أننا كلنا سألناها في مرحلة من حياتنا و لم نجد لها إجابة مرضية: فما الذي يجعل هذه الورقة تساوي تلك القمية؟ .. و كيف يستطيع البنك المركزي أن يحدد الكمية التي يريد طبعها ليغطي احتياجتي و احتياجات باقي الشعب؟ .. و ما الذي يجعل بلدنا المنهارة اقتصاديا لا تزال تمتلك و بنوكها تطبع الكثير من المال.. ؟ لماذا مثلا حينما يقع الاقتصاد لا تختفي الأموال من السوق؟
تاريخ كبير للمسلمين، يتسائلون فيه إن كان النظام البنكي ربويا أم لا .. كان فضيلة الشيخ طنطاوي يؤكد على مشروعية العمل بالنظام البنكي.. بينما كان الدكتور عطية صقر رحمه الله من فقهاء الأزهر على سبيل المثال يؤكد حرمانيتها .. و مع نشاط التيارات السلفية في مصر من ناحية الخطاب الديني، و استمرارهم في الترويج لفتوى الكثير من العلماء السلفيين الذين أصروا على الأخذ بحرمانية النظام البنكي و ذهب فريق منهم للتوصية بالنظام البنكي الإسلامي .. نجد أن عالما له ثقله مثل الدكتور عطية صقر يؤكد أنه بالرغم أنه عمل هو شخصيا على برنامج بنك إسلامي ليكون مطابقا لكل المواصفات الشرعية إلا أن هذه البنوك لاحقا غيرت أسلوبها و ذهبت لاتجاه غير شرعي..
نعم كلنا مررنا على هذه المناقشات الطويلة.. و هذا الخلاف.. و لكن أحدا منا لم يتكهن إلى أن المشكلة في البنوك لم تكن أبدا في قصة الفائدة فقط.. فبعيدا عن منطوق الحلال و الحرام .. إن مجرد وجود النظام البنكي في حد ذاته يعتبر مشكلة.. في أواخر الثمانينيات ظهر نظام تجاري بحث اسمه الريان و بدأ بالعمل بنظام تشغيل الأموال.. استطاع الريان مع نموه المستمر أن يجني لعملائه 20% شهريا من قيمة مدخراتهم لديه.. و بالرغم من أن شركة الريان لم يتقدم أي من عملائها بأي شكوى اتجاهها .. لكن في عام 1987 قام مجلس الشعب بعمل قانون معين على أساسه تم محاصرة هذه الشركات فورا.. و قامت الحكومة بذج اصحابها للسجن .. و الاحاطة بممتلكاتهم بغية بيعها لسداد مستحقات المستودعين.. و الجرائد المصرية وقتها صورت الريان و غيره على انهم هم الطرف الشرير في الرواية.
أصابع الاتهام في ما حدث للريان تتجه لنظام مبارك .. و تتجه للبنوك .. و المشاهد للفيلم الذي سيأتي ذكره سيفهم أنها تتجه للشراكة بين نظام مبارك و نظام البنوك معا .. إنه من الواضح تماما أن البنوك ضغطت على مبارك كي يتخلص من الريان .. و السبب؟ أن الريان كان يقدم ربحا شهريا للمودع أكبر من أي فائدة يعطيها أي بنك .. فكان المودعون يأخذون المال من البنوك و يضعوه في شركات توظيف الأموال الإسلامية .. أنا قرأت كثيرا عن أحمد الريان و عن بعض شركات توظيف الأموال.. قد نختلف عنهم و قد نتفق .. و لكن دعنا نقول أن مثل هذه الحالات تدل دلالة واقعية جدا على أن نظام التجارة الإسلامي البسيط و الذي نذكر أنه بدأ بسيدنا محمد يقوم بإدارة تجارة السيدة خديجة .. و مر بعصر الخلفاء الراشدين و الأمويين و العباسيين .. و أثار ثروة العرب و غيرهم من الشعوب التي كانت تواطن داخل الدولة الإسلامية بما فيها الشعوب القبطية في مصر، و اليهود في الأندلس.. فقد كانوا أهل ثراء كلهم و كان الاقتصاد المعتمد على التجارة الحرة خير حليف لا نر له ما سنراه اليوم في الفيلم..
ادعوك لمشاهدة هذا الفيلم "المال كقرض" قد يكون هذا الفيلم صعبا في بعض أجزائه .. و لكن .. إذا كنت فعلا مهتما بمشاكلنا الاقتصادية هذه الأيام .. اذا كنت تهتم بم يريده الاقتصاد العربي .. فعليك ان تتعلم مبدأ مهم و هو من اين تأتي الاموال .. و كيف تعمل البنوك.. و ما الذي اوصل امريكا و يوصل العالم لما هو عليه الان .. لا أظنني أبالغ حين أقول .. أن هذا الفيلم يمس حياتك بشكل من الاشكال.
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس و الأخير
No comments:
Post a Comment