Sunday, October 14, 2012

كيف يمكن أن نرد عملياً في الاقتصاد على من سبوا الإسلام؟

بعد خروج فيلم سمي خطأ بالفيلم المسيء للرسول، لأن النجوى ما كانت لتحزنه صلى الله عليه و سلم بل هي على النقيض تماماً، إنما هي تعين هؤلاء الذين سابوه و لم يعرفوه على أن يزدادوا ضلالاً و ظلاماً.. كان من الأحرى بهم أن يبحثوا عنه صلى الله عليه و سلم و يعرفوا آثاره في الأرض إذا أرادوا أن يعملوا فيلماً هادفاً.. و لكنهم في الوقت نفسه عملوا زوبعة عالمية كبيرة.
صناع نظرية المؤامرة، البعض يقول أن الزوبعة مصنعة.. حتى أن إشاعة خرجت أن السيد أوباما قال أن كل هذا حدث لينال منه هو شخصياً .. فهو كان في نظر الحكومة الأمريكية الشخص الذي أغلق ملف الشرق الأوسط للأبد.. فهو الذي قتل أسامة بن لادن، وهو الذي وقف بجوار الشعوب المضطهدة في الشرق الأوسط بالمال على الأقل لتعم الديموقراطية الربيع العربي.. و بذلك يكون حقق برنامجه الشهير "التغيير" و الذي سار على دربه الدكتور "البرادعي" منذ اليوم الأول لحضوره لمصر و تكلم بنفس لغة حملة أوباما الإعلامية.
وكالة الأنباء الأمريكية السي إن إن أججت النار بكل ما تملك من قوة، مستغلة زوايا الكاميرات و آلية بث الحدث من وجهة نظر صانع سينما أكثر منها وجهة نظر الناقل محايد .. فأخذت تصور في مشاهد تحزن المواطن الأمريكي و تعطيه الإحساس أن العالم الإسلامي بأكمله يريد الحرب على أمريكا الآن.. و عادة ما كان يصاب المواطن الأمريكي بالدهشة حين نخبره أن كل الصور التي أتت من مصر ما هي إلا صور لشارع واحد فقط قصير جداً توجد به السفارة الأمريكية!

هذا و تعلوا معجزة هذا الدين اليوم و نحن نرى التناقض في حيثيات النظرية و التطبيق فيه، فهاهو الدكتور مرسي رئيس جمهورية مصر العربية يضرب عرض الحائط جانب التمويل من الصناديق الإسلامية التي أخبرنا عنها في كتاب برنامجه الإنتخابي، و يستمر في الاقتراض.. ليس الصندوق الدولي هو القرض الوحيد الذي حاول مرسي أخذه و إنما هو الذي وصل للرأي العام.. لقد اقترض من أمريكا و كانت هناك كميات كبيرة من القروض أيضاً كانت أمريكا على وشك إعطائها.. و قد اقترض أيضاً من بنوك أخرى تنشر و دول سافر إليها كلنا رأيناها رأي العين.
و قلنا و قال غيرنا ممن هم أعلم منا بشؤون الاقتصاد .. قبل الانتخابات أن أزمة الدين المصري في حاجة إلى إيجاد حلول بديلة عن الاقتراض.. منهم من اقترح إعادة تشغيل المصانع المتوقفة.. و منهم من وضع الاقتصاد الإسلامي و آلياته للعمل به فوراً و هو ما يستحيل منهجياً حدوثه طالما ظل البنك الإسلامي يعمل بشروط البنك المركزي المصري إلا أن يحدث نوع من أنواع التغيير في هذه الآليات الجوفاء.. و قلنا مراراً و تكراراً أن مصر تتميز بالقوة البشرية، و لدينا مثالاً حياً في العبقريات الاقتصادية الفكرية ( بغض النظر عن قضيته و جريمته ) شخصية أحمد الريان الذي صنع اقتصاداً موازياً للبلاد ( و كاد يسقط كل بنوك مصر ) بأسلوب يخلو تماماً من الفوائد.. و مع ذلك داهمته بنوك مصر لتدمره. بالتأكيد مصر انجبت عباقرة اقتصاديين يستطيعون النصح بحلول تفعل المشاكل .. و لو عملوا مسابقات أو اهتموا بعمل لجان focus groups لوضع آليات حل فستخرج عبقريات لا حصر لها من هذا الشعب تضع الحل.

قلنا أيضا بالنظرية اليوسيفية السباعية التي وضعها اعظم وزير لمصر نبي الله يوسف حيث وضع الحل في الزراعة و ذكرتنا بكيف كانت مصر وقت أن كانت حقول القمح و القطن تجعل الجنيه المصري بإثنين دولار منذ ستين عاماً فقط. الآن، سياسة تقشف لمدة سبع سنين و توسيع رقعة القمح بشكل كافٍ، و ليس بشكل صوري، و توسيع رقعة القطن .. ولتعرتض امريكا و لتحارب إن أرادت .. فهذه الآن مسألة حياة أو موت!

و مع ذكر كل هذه المتناقضات تظهر علينا هذه الأيام أخبار تبني إحدى الجامعات الفرنسية للمشروع الإسلامي الاقتصادي و نظم الصيرفة الاقتصادية، و تتبنى البورصة الفرنسية هذا المشروع .. ما نراه في الفيلم القادم.


العمل العملي من النظام الاقتصادي الإسلامي يرد على السفهاء من صناع الفيلم الرخيص.. فكيف بحضارة أتت منذ ما يقرب من ثلاثة عشر قرناً من الزمان ما جاء بها إلا رجل واحد هو محمد أن تدرس نظامها الاقتصادي للعالم اليوم في أرقى جامعات الغرب؟

في مشروع النهضة الصفحة 40 تكلم عن تفعيل أدوات التمويل الإسلامي، و استخدام أموال الزكاة، و تمويل الأنشطة الاقتصادية بأساليب غير تقليدية، و ذلك بإنشاء مؤسسة أهلية للزكاة، و إنشاء مجموعة من صناديق استثمار أموال الوقف، و أموال الزكاة و الوقف بالمناسبة كثيرة جداً فأين هذه الصناديق الإسلامية؟ و في صفحة 78 تكلم عن نفس هذه الأنواع في وسائل جديدة للتمويل.

مرجع لمن يهتم:  كتاب النهضة برنامج الدكتور مرسي الانتخابي
فأين الصناديق الإسلامية اليوم من عمليات تمويل أزمتنا الاقتصادية؟ خاصة و أن البحث العلمي يؤكد أن مثل هذه الحلول ستجذب المستثمر الأجنبي.. فأزمة مشاكل الديون السيادية يجبر المستثمر الأجنبي على البحث عن أسواق أخرى في العالم و هو ما تستفيد به استثمارات الصناديق الإسلامية في السعودية و ماليزيا.. و لنعلم أن بيت التمويل الكويتي (بيتك) قد قال العام الماضي أن إجمالي قيمة الصناديق الإسلامية في العالم وصل إلى 60 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 3.5 في المائة عن العام الماضية!


لقد بنى المصريون مستشفى كاملة للسرطان بالتبرعات، و قام الرجل الشيخ السلفي محمد حسان بجمع كمية من المال فقط بمجهوده الفردي.. و هذه تبرعات .. الآن ما نتكلم عنه ليس بالتبرعات و إنما صناديق استثمار مع جمع لأموال الزكاة .. هكذا نقول على النظام أنه أخذ الصبغة الإسلامية و يكفيه من هذا ذلك.. فمن العبث أن نرى الغرب يطبق نظم البنوك الإسلامية و يرى بعينيه البنوك الغربية تسقط في أوروبا و البنوك الإسلامية المنشأة هناك لا تزال تقف على قدميها، ثم نأتي لمصر قلب العالم الإسلامي لنر أنها لا تتحرق قيد خطوة في توقيع نظام مشابه حقيقي.. و نحن نمتلك الوعود في البرنامج الانتخابي و نمتلك العقليات و نمتلك الاحتياج، بل و إن خروج البلاد من هذا المأزق الاقتصادي سيكون نبراساً للعالم ليخرجوا من أزماتهم الاقتصادية بنفس الأسلوب، فيفكر الحاقدون قبل أن يسبوا و إلا نعتوا بالجهل من أبناء بلادهم هم!

No comments: